الكرم الموسمي والمشاركة الوهمية


بحسب ما نقله موقع “موتو تايم” عن جاك ويلش الرئيس التنفيذي لمعهد جاك ويلش للإدارة وهو الرئيس التنفيذي السابق لشركة جنرال إليكتريك، وبعد خبرة 40 عاماً في مجال الأعمال، يخبرنا بأن هناك طرقا فعالة لكسب ثقة الآخرين والحصول على علاقات مبنية على الثقة. 1192555374_strange_sign1.jpg

وعند إطلاعي على أولى نصائحه والتي تقول كن كريماً” أصابتني موجه من الضحك، فالكرم الذي يعده إحدى الصفات القيادية الأكثر أهمية، بات اليوم في الأردن موسمياً.

فمن السهل أن تشير بسبابتك إلى أناس في مجتمعنا لا يظهر كرمهم وعطفهم وجمال أخلاقهم إلاّ في موسم الإنتخابات، وشهر رمضان، وعند اتمام الصفقات التجارية، ودون أي تردد يصبح المنسف سيد الموقف، والإنتخابات قد اقتربت.

فهذه احدى المترشحات للإنتخابات بعد خسارتها أكثر من مرة تقدم لمستمعي إذاعة أردنية رحلة عمرة مجانية، وتحت مفهوم خدمة المجتمع من السهل أن تعرف من المواطنين في دائرة انتخابية بعينها، سبب انتخابهم لنائب دائرتهم والمتمثل بكونه “خدوم وكريم”.

اللعب على حاجة الناس لقوت يومهم، واستغلال فاقتهم للوصول إلى أهداف واضحة يعلمها الجميع لا يمكن أن نخدع أنفسنا بتسميته كرما ونبل أخلاق.

وأعرف العديد من الزملاء ممن ينظرون إلى الدعوات للمؤتمرات والندوات على أنها دعوات عشاء وغداء، القصة في الطعام وحجم البوفيه إذن.

فيما تدعو النصيحة الثانية إلى مشاركة الجميع في صنع القرار، وعلينا التوقف هنا، فمشاركة الجميع لا تعني أن أجتمع بكل شخص على حده، وأن أخذ فقط برأي من يدعم القرار، وأن اتجاهل من يبين وجه الخلل فيه. ولا يعني أن يؤخذ بالرأي في غرف الإجتماعات أو الغرف المغلقة وأن ينفذ ملف آخر من خلال تكريس الموروث الثقافي البشع “شاروهن وخالفوهن”.

تتجدد موجة الضحك، عندما تصل إلى النصيحة التي تقول “انطباعك عن مرؤوسيك يمثل قيمة كبيرة بالنسبة لهم”، فمن الضروري أن تطلعهم بشكل دوري عن تقييمك لأدائهم كمدير.

أجزم هنا أنه لا يوجد موظف يقبل بروح رياضية نقد مديره خاصة أن معظم المدراء، يقدمون النقد علناً، ولتفاصيل بسيطة في العمل، متجاهلين كل الإنجاز والعمل الإيجابي الذي يقوم به الموظفون على امتداد سيرتهم المهنية في المؤسسة، ويزيد الطينة بلة، وينسف ما تبقى من ثقة بين الرئيس والمرؤوس أن يكون هذا النقد والتقييم غير علمي وحقيقي وبني على “أسفين” دقه أحدهم في أذن الرئيس المرخية.

الموظفون اليوم يعلمون أن بينهم “دواسيس” وفي الإستراحة ووقت العمل وخارجه لا يترددون بـ  “نتخيل” الإدارات، متجاهلين كل ما يمكن أن ينتج عن نقل القيل والقال، ولذا فإن نصائح جاك ويلش ستنكسر على عتبات مكتب المدير.

وإذا كنت اليوم تعمل مع فريق قائده ديكتاتور، فلتفرح، فإن ذلك أفضل من عملك مع فريق قائده يتمتع بالإزدواجية، محترف في اندية لبس الأقنعة، ممن تخالف أفعالهم أقوالهم ومبادئهم، محترفي الكرم الموسمي، ومنسقي المشاركة الوهمية، أصحاب البوفيهات الكبيرة.

 

 

سيتم عرض تعليقاتكم بعد قليل . نشكر تفاعلكم